الفصول الثالثة من قصة أرحال ن بوكافر
في الحريك إلى إسبانيا سنة 2007.
أزول امغناس امازيغن أزول امغناس اتمازيغن في كل
ربوع تمازغى قبل أن ادخل إلى التفاصيل الصغيرة والكبيرة : أود أن أشير
إلى مكان وتاريخ انطلاق في هده المغامرة الشاقة المحفوفة بالمخاطر والعراقيل
الكثيرة بحثا عن مستقبل زاه رفي ما يسمونه أوروبا بحيث خدروا عقولنا بالعيش الكريم
بحيث أصبح هذا حلم كل شاب مغربي مثلي في ربيع عمري وسأحكي لكم قصي بما وقع
فيها بكل التفاصيل بدون زيادة ولا نقصان.
أولا سأحاول أن أشير إلى متى بدأت فكرة الحريك
تدور في مخيلتي بحيث كان عمي صاحب الفكرة .في يوم من الأيام طرح علي سؤالا قال هل
تريد يا محمد ان تهاجر أو أن تحرك إلى إسبانيا؟
أجبته
بدون تفكيرمطول،ولقد وعدي عم أبي الذي يسكن في فرنسا بأخدي إلى فرنسا منذ
ان كنت صغيرا، وبقيت أنتظر ذلك اليوم أن يأتي ولكنه لم يأتي.
وهذا ما جعلني أجيب عمي لحسن بنعم وبهذا تطور الأمر
شيئا فشيئا وقال لا تخبر احد بذلك و كتمت السر لمدة 4 أشهر أو اكثر، والغريب في
الأمر أن أسرتي لم تعلم بذلك كلها وخاصة جدتي خوفا ان يسبب ذلك في المشاكل وحتى
أمي لم تعلم بذلك إلا في اللحظة الأخيرة ولا إخواتي أيضا.
وفي الجمعة 29شتنبر 2007 جمعت كل
اغراضي من الملابس إلى غير ذلك ومند ذلك بدا شعور رهيب يغمر جسمي و أصبحت ارتعش
خوفا من المجهول ثم ودعت أقاربي وأصحابي وانا ابكي ظننت إني لن أعود ابدآ وكان
عقلي وفكري مشتت وأنا في حالة لايرثى لها وفي تلك الليلة لم انم ولو لحظة بحيث
أفكر فيما سيحدث غدا وفي الصباح قال لي عمي انك ستخرج مع المساء وكان ذلك اليوم
أصعب يوم في حياتي وبعد صلاة المغرب أكلنا الفطور وصلينا ثم وصل صاحبي عمر رفيقي
في الرحلة مع أبوه ثم أخدنا أغراضنا وحقائبنا إلى السيارة ثم أخذت أودع أسرتي الكبيرة وأنا ابكي وقد بللت قميصي
بالدموع كأنه يوم وفاة أبي ولقد ضممت
أخواتي إلى صدري وقلت لهم وداعا يا إخوتي قد لا أعود ثم آخذت رضا أمي ثم تركتهم في
حيرة ثم هربت مسرعا إلى السيارة تجنبا للبكاء الشديد ,وكان ذلك في يوم السبت 30 شتنبر 2007 /14 رمضان 1428على الساعة السادسة
ونصف مساءا ولقد سبقني ابن خالتي عثمان بيومين ,وكانت انطلاقتي في بلدتي مغنبوا
قرب اﯕديم جماعة تغزوت نيت عطا مدينة تنغير إقليم ورزازات ثم انطلقنا بعد ذلك أنا
وعمر وأبوه وعمي وابن عمي حتى وصلنا محطة التزود بالوقود بتبسباست ثم أخدنا صديقا أخر ثم توجهنا إلى مدينة
تنجداد ثم ودعنا عمي وأب عمر في بكاء شديد
ولقد نصحونا بالتحلي بالشجاعة والقوة والصبر كأننا لن نعود أبدا ثم استلقينا
الحافلة في اتجاه مكناس ’ولقد كنت أتحدث مع صديقي عمر ما سنفعله إذا وصلنا إلى
اسبانيا ونتبادل الحديث لتخفيف الضغط علينا وجلس صديقنا الحراك مع ابن عمي وراءنا
ولقد أفكر مدا ما سيحدث في المستقبل وهكذا
وصلنا إلى مدينة زايدة على الساعة الثانية ونصف صباحا ثم تصحرنا وكان أول صحور
خارج البيت لأول مرة في حياتي وأحسست
بشعور الكئابة وذلك بغياب الدفء العائلي ثم انطلاقنا من جديد حتى وصلنا إلى مكناس
في السادسة صباحا ولقد كنا منهمكين و متعــبين بطول الرحلة واسترحنا قليل ثم
ساءلني صديقي عمر ماهذا المكان وهل وصلنا ؟؟؟؟ فا عذرته لأنه لأول مرة يسافر فيها
فأجبته أننا لم ننتصف الطريق بعد ثم أحس بخيبة أمل كبيرة بسبب التعب وبعد نصف ساعة ركبنا حافلة أخرى متوجهين نحو
مدينة تونات مرورا بجانب منطقة سبع عيون
ومدينة عين توجطات حتى وصلنا إلى مدينة فاس الإدريسية العتيقة على الساعة الثامنة ونصف صباحا وبعد 20 دقيقة
انطلاقنا من جديد في اتجاه تونات مرورا بمجموعة من الأودية و المنعرجات
والطريق ملتوية وخطيرة جدا ولقد كنت خائفا جدا أن نسقط في احد الجبال أو في احد هذه المنعرجات الخطيرة
التي لم أرها في حياتي من قبل ولم نصل حتى كدنا نموت بالتعب بطول الرحلة
ومشقتها معا أننا صائمون ووصلنا مدينة تونات في الساعة الثانية ونصف ظهرا ثم توجهنا
مرة أخرى إلى محطات التاكسيات رغبة في
التوجه نحو الشمال أي إلى مدينة إساﯕن ثم
انطلاقنا لتبدأ المغامرة الصعبة المحفوفة بكل أنواع الأخطار التي لا يتصورها
الإنسان في مستوى عمرنا ولقد وجهنها بكل حزم وقوة ,وشجاعة ولقد مررننا في الطريق
على مجموعة من الأنفاق مثل فم زعبل قرب
مدينة الريش كما صدفنا في الطريق عدة حوادث
سير خطيرة ومميتة وذلك بسبب المنعرجات والمنحدرات الكثيرة إضافة إلى ضيق
الطريق ووجود الغابات الكثيفة .ولقد كنا
في حالة يرثـــــــــــــى لها ,بسبب كل ما تعرضنا له
في الطريق مند الانطلاقة إلى ان وصلنا إلى إساﯕن على الساعة الثالثة و دقيقة 15 عصرا ولما وصلنا انتظرنا نصف ساعة حتى يصل
إبراهيم الذي سيتكفل بنا المسمى السمسار وعم عثمان القدمان من مدينة ترﯕيست ولما وصلا ذهب معه ابن عمي الحسين إلى البنك
واد له المبلغ الذي ثم الاتفاق عليه للعملية ﺍﻟحريڭ المقدر بي 9250 درهم
’ولما رجعوا ودعت ابن عمي وعم يوسف في
بكاء وحيرة شديدة ولقد ضمني إلى صدره وهو
يبكي وقال لي بالحرف وداعا يا محمد كن
رجلا شجاعا صبورا ولا تخف ان الله معك
وقال لي اسمح لي كثيرا أنني قد لا أراك
مجددا فا أحسست بألم وحزن شديد في قلبي ثم
عاد ابن عمي الحسين وعم عثمان إلى مكناس بينما انطلاقنا نحن في التاكسي إلى مدينة
ترﯕيست ووصلنا في الساعة الرابعة و40 دقيقة ولقد كنا منهمكين وفقيدين كل قوانا البدنية وكنا في حالة لا يتصورها الإنسان العادي ودلك بعد
22 ساعة ونصف من السفر ومن هنا بدأت معانتنا ومشاكلنا ولما وصلنا استرحنا قليلا وتوجهنا إلى المنزل
الذي سنسكنه وهي عبارة عن ﯕراج عريض جدا ووضعنا في أغراضنا ثم ولينا عائدين إلى
مركز المدينة بحيث اقترب موعد أذان صلاة المغرب ثم دخلنا إلى احد المقاهي وبعد
الأذان فطرنا وكان أول فطور لي خارج بيتي ولقد أحسست بشعور رهيب في قلبي وذلك
بغياب الدفء الأسرة والأجواء العائلي
ونشاط الأصدقاء في البلدة ثم اطمأننت على
حالة صديقي عمر وسعيد إنهما بخير ,ثم اتصل بي عمي الحسن لكي يطمئن علينا وكل أسرتي
أرادوا ان يتحدث معي وخاصة أمي العزيزة
الحنينة,ولقد سمعت صوتهم يبكون جميعا
لكن عمي رفض دلك ولقد كنت في تلك اللحظة ابكي بكاءا شديدا ثم اتصل أب عمر
لكي يطمئن علينا , كما ان أصدقائي لم ينسوني أيضا.ثم خرجنا نتجول في المدينة رغم التعب الشديد حتى العاشرة ونصف ليلا ثم
توجهنا إلى الكراج ولقد كان مملوء بالا زبال وغبار الأبقار حشاكم و فيه مرحاض صغير وليس هناك حصير ولأغطية لكي نتغطى بهاو لا
تتوفر فيها شروط الحياة ولقد نمنا فوق الكارتون من السكر وكان البرد شديدا جدا
ولقد ندمت في تلك اللحظة ندما لا يتصور بعد ان تركت كل الخير والنعيم في بلدتي
واتيت إلى العذاب والجحيم والشقاء ولقد كرهت ومليت حياتي وتمنيت الموت لكي تآخدني لكي ارتاح بسبب
كل ما عشته في دلك اليوم العسير وفي منتصف
الليل وإذا بإبراهيم وصديقه يوسف أتى لنا بالصحور, ولم تشرق شمس ذلك اليوم حتى تذوقت كل أنواع
العذاب ولن أنساها أبدا مادمت حيا ,وفي الصباح استيقظنا على الساعة العاشرة ثم أخدنا ننظف المكان قليلا ثم خرجنا نتجول في
المدينة /ترﯕيست/لكي نكتشفها رغم أننا لم
ننم ولم نستريح ما فيه الكفاية
ولقد كنت خائف جدا ان يسألنا احد رجال الأمن ,الشرطة من انتم وماذا تفعلون هنا لأنهم دائما يسالون الغريب , والمشكل الكبير ان صديقي ليتوفرون على
البطاقة الوطنية ولا يعرفون العربية
لذلك كلفت بهم. كنت أتحمل المسؤولية في كل شي وهكذا وفي الساعة الرابعة
ونصف عصرا وصل 8 من اصد قئنا ألآخرين
القادمين من مدينة النيف و الريصاني
والراشدية والنواحي –الباقي إبراهيم-اوحدو ويوسف- إبراهيم ابوشفر –والغم
سعيد- .... وآخرون وهكذا أصبحا عائلة واحدة ولقد أحسسنا بنوع من النشاط و
الفرحة لأنهم خففوا عنا كل ما حدث في
البارحة وفي المسائي خرجنا منقسمين لكي لا نثير اهتمام السلطات المحلية ولتقينا في مقهى واحد وبعد الأذان فترنا مجموعين
كعائلة واحدة رغم ان الأجواء العائلية
تكون أفضل من هذه, ولما فطرنا خرجنا
واشترينا حصيرا و5 أغطية ثم توجهنا إلى المسكن
لكي ننظم المكان وبعد دلك اتصل بي ابن خالتي عثمان وقال لي فا لنلتقي قرب
البريد وخرجت أنا وعمرو لما التقيت بيه أحسست بشعور ليوصف يغمر قلبي وفرحت فرحا
شديدا وتحدثنا كثيرا حتى الحادية عشر ليلا وقالي انه يسكن مع مجموعة من الأصدقاء
الذين يقرون معنا في الثانوية أمثال:شاكوش
إبراهيم ومحند كمال من العائلة وإسماعيل من ايت عيسى اوبراهيم ....وآخرون ثم ودعنه بعد ان اتفقنا ان لتقي غدا في نفس المكان
في العاشرة صباحا ولما صلنا إلى المنزل احدنا نتهيأ لنوم لكل 3 أفراد مالطة واحدة
وقد نمنا بعشرة متراصين .وكنا نتحدث وفي نفس الوقت دخل إبراهيم وصاحبه وقد حاضروا
معهم الصحور(دجاجتان+الروز+الخبز+وأغراض أخرى....) ولم تصحرنا خلدنا إلى
النوم وكان هذا اليوم أفضل من البارحة
الذي لن ينساه أبدا وفي الصباح التقيت مع
عثمان و مجموعة من الأصدقاء الحراڭة وذهبنا إلى مكان الألعاب لفوار وهو مكان وفضاء
للألعاب مملوء بالألعاب الرياضية المختلفة من اجل تمضية وتضيع الوقت لأننا
ليس لدينا منفعل بعد ان تركنا الموسم
الدراسي 2007/2008 قد بدا بأسبوعين ثم بعد ذلك نتوجه إلى السد لتأمل فيه و نلعب ونستظل بظل أشجار الزيتون ونتحدث عن مصيرنا إذا بلغنا الضفة الأخرى بحيث
كان حلما الكبير و الواحد أو مصيرنا إذا
غريقنا فإننا سنصبح غداء للقروش والدالفين والأسماك ثم سنهلك بجهنم في الأخير لا
محال له وكل هذا حير أمرانا لكن رغم دلك
كنا عازمين على تحقيق هدفنا وغايتنا
المنشودة رغم كل العراقيل والصعوبات
والمشاكل التي توجهنا ونحن في مستقبل عمرنا ,وفي ربيع شببنا وفي يوم من
الايام اتصل بي إبراهيم الذي يسكن في
مكناس ولقد خائفا ان أجيبه ولما أجبته
بدا يطرح علي مجموعة الأسئلة المحيرة .وقالي ماذا تفعل يا محمد أتريد ان تنتحير,
ان متت فإنني لا أتحمل مسؤوليتك اذهب وفعل ما شئت وقد حيرني كل هذا وأجابته أنني
سأجرب حظي متوكلا على الله ثم قالي وفقك
الله في مغامرتك ثم تلقيت مكالمات أخرى من عائلتي في ايطاليا وفرنسا واسبانيا وكان حديثهم نفس كلام العم إبراهيم . وهكذا تمر أيام رمضان الكريم بسرعة كالبرق
.وكانت الأجواء ممطرة. كنا نعاني من برد شديد وذلك لكوننا لم نأخذ إلا الملابس
الصيفية وفي يوم الجمعة 5 أكتوبر 2007 على الساعة السابعة ونصف ليلا اجتمع كل
الحراﯕين في مكان متفق عليه قرب السد وقد كنا 90 فردا كلهم آمازغيين, موزعين بين
ما بين ورزازات و الراشيدية ولم تمر فترة إلا برجل طويل يخرج بيننا ثم ينبئنا بآن
وقت خروجنا قريبة جدا وأمرنا بالاستعداد في كل وقت والحرص على عدم لفت أنظار
السلطات المحلية من اجل نجاح العملية دون مشاكل وعراقيل وكنا نراقب كل يوم حالة البحر في حالة الطقس وفي كل يوم نسمع
أخبار بأننا سنخرج اليوم ثم نستعد تمام
الإستعداد وذلك بشراء مجموعة من المتطلبات مثل (2,5لتر من الماء+4الخبز+الجبن+2
علب من السرد يل+ الحمص+ التمر+التين ....).واتصلت بعائلتي بأننا سنخرج الليلة ان
شاء الله وفي لحظة واحدة يخبرنا
السمسار ان العميلة ألغيت بسبب هيجان
البحر وسوء الأحوال الجوية وأجلت العملية
إلى الغد إذا سمحت الظروف الطبيعية لذلك ،ولقد أحسست بشعور غريب ورهيب ينخر جسمي
الضعيف عندما اخبرونا بأننا سنخرج اليوم
وذلك لشعوري ان الموت قريب مني وان أخر أيامي وأنفاسي ستكون في البحر،ورغم كل مقاسيته
وما عشته من لحظات صعبة ورهيبة في هده المغامرة الخطيرة فقد تحليت بإيمان وشجاعة قوية وإنني سأحقق حلمي إن شاء الله وهكذا استمر
استعدادنا في تلك الايام للخروج في أي
لحظة نعلم بالأمر وبعد مرور 6ايام على المحاولة الأولى الفاشلة وآت الفرصة الثانية والحقيقية للخروج يوم الجمعة 12شتنبر 2007 الموافق ل29 رمضان 1428 تزامنا مع اقتراب عيد الفطر المبارك
(إسوي) وقد ثم اختيار هذا الوقت لان البحر
قليل الهيجان و في هذه المناسبة
الكريمة يكون البحر قليل الحراسة من طرف
السلطات المغربية والاسبانية ولذلك أردنا استغلال هذا العامل لصالحنا وفي المساء
استعدادنا تمام الاستعداد وبعد الفطور وكان أخر فطور لي في مدينة ترﯕيست وقبل السابعة مساءا حزمنا
أمتعتنا وخرجنا
3مجموعات وكنت
أنا قائدهم وكنا خائفين جدا من ان يشي بنا احد للسلطات وهنا بدأت مغامرة جديدة وفي
الطريق تعرضنا لأخطار عدة مثل الانزلاقات وأشواك الشجار وكنا نتحرك بخفية في الواد
لكي لا يرنا احد في الظلام الدامس كما ان
أفراد مجموعة تعرض لهم شبان من المنطقة وطرح عليهم مجموعة من الأسئلة المحرجة
وأجابهم احد الأصدقاء بأننا لسنا مغاربة وان المخزن الغربي يتبعنا ويطردوننا ...وهدداهم الشبان لإعلان السلطات ان لم يقدم
لهم 100 درهم ثم نال الشبان مراهم ثم التحقوا بنا إلى المكان
المتفق ان نجتمع فيه وهو مملوء بشجر الزيتون ومظلم ولما تلقيت الإشارة أمرت
مجموعتي ان تتقدم إلى شاحنة من نوع
(متشيبتشي) صغيرة ولقد رأيت أفراد غرباء ينظمون العملية النقل وسروا يكدسوننا في تلك الشاحنة مثل قوالب
السكر كننا مثل الحيوانات ( الماعز
)وكنا 90فردا وكان المكان ضيق جدا لاستطيع ان يستوعب إلا 50فردا على الأقل ثم
سارت أنفاسي تنحبس وتتوقف بسبب الضيق ولازدحام
وقلة الأكسجين وتعرضت لكل أشكال العنف الممارس من طرف أصدقاء الحراﯕة ومن طرف
المنظمين وكانت هنا صراعات ومشباكات كلامية بين االحرﯕة انتهت بعضها بتبادل اللكمات
والضرب والسبب والشتم والقذف بكل أنوعه
رغم أننا من منطقة واحدة وهدفنا واحد هو بلوغ الضفة الأخرى (اسبانيا) وقبل
انطلاقتي الشاحنة تأكدت ان كل أصدقائي العشرة حاضرون ولما تحركت الشاحنة تحسن
الحال قليلا وذلك بتوفر الأكسجين على الأقل ,ولما وصلنا إلى الطريق السريع بين
مدينة ترﯕيست ومدينة الحسيمة انتشرت من جديد الفوضى والصراعات ولاصطدمت وهناك ضجة
قوية بين الحراﯕة داخل الشاحنة الضيقة ...إضافة إلى ان الطريق ضيقة و مملوءة بالمنعرجات والمنحدرات
الخطيرة والمميتة وكدنا ننقلب مرات عديدة ودلك راجع إلى الأسباب السابقة الذكر
وإذا اتجهت الشاحنة نحو المنحدر يتعرض حراﯕة مقدمة الشاحنة لضغط والاعتصار من طرف
أصحاب مؤخرة الشاحنة ويقع العكس عندما تتجه الشاحنة نحو العقبة وتعرض مجموعة من أصحابي اللذين يتراوح أعمرهم
مابين 12/14 سنة للإغماء بسبب عدم تحمل جسمهم الضعيف كل معاشه من معانات وكانت أنا
لسعد حظي في الأيمن لشاحنة اخرج راسي لخد الأنفاس رغم أنهم يمنعنا من نخرج رؤوسنا
لكي لينكشف أمرنا وكان السائق يخرج الشاحنة إلى حافة الطريق عمدا لكي ترتطم بنا
جذوع الأشجار الموجودة على الطريق وكهذا استمر معانتنا حتى العاشرة ليلا حيث توقفت
الحافلة في مظلم قرب احد الجبال في مكان نجهله ولما نزلنا تأكدت من حالة أصحابي
وإنهم في بخير رغم ما تعرضنا له من عذاب ثم نادني إبراهيم (السمسار) لاطمئنان
علينا وأمرني بان اجمع أصدقائي العشرة ثم سمينا مجموعتنا ب (إوتال أي الأرانب) ثم قدمنا له ثمن نقلنا 250 درهم لكل فرد ثم
استرحنا وأكلنا قليلا ثم عدنا من جديد إلى الشاحنة اللعينة في جو محزن لكي نتذوق
من مرارا وتكرارا كل أنواع المحن والتكرفيس والعذاب التي لن أنساها ماذمت حيا ولقد كرهت معنى الحياة وتمنيت من الموت ان
تخطفني لكي ارتاح من كل هذا وهكذا ازدادت معاناتنا عند اقترابنا من مدينة الحسيمة
بحيث قاموا بتغطية الشاحنة بالباش لكي لا يرانا
الناس و الأمن والسلطات المحلية عندا المرور تحت الأضواء الكاشفة ولقد
تجاوزنا مجموعة من الحواجز الموجودة على الطريق وبحفظ الله وراعيته لم يكشف أمرنا
وتعرضنا لاختناق شديد بسبب كثرة الحراﯕة وضيق مكان التنفس ولقد تعرض مجموعة من
أصحابي اللذين لا يتجاوز أعمرهم ما بين 12الى 15 سنة لإغماء بسبب كل تعرض له أما أنا فقد كنت صامدا وقويا ’ولما تجوزنا
الحسيمة تحسن حالنا قليلا والمشكل الكبير
هوان
السلسلة التي كانت تربط بين الشاحنة بدأت بالانفكاك
والانحلال وأصبحنا معر يضن لأي خطر قادم ولم تمر لحظة حتى توقفت الشاحنة على الساعة 12و15دقيقة في مكان مظلم تحيط بها
الجبال والغابة وبدئنا النزول ولقد حمدت الله شاكرا أننا وصلنا سالمين رغم كل ما
تعرضنا له ولقد فقد مجموعة من أصاحبي حقائبهم التي تعرضت لتمزيق والإتلاف ثم تأكد
من حال رفقي عمر و إبن خالتي عثمان وإنهم
على خير ثم تعانقنا وهكذا أمرنا احد السماسرة ان تقدم إلى في اتجاه مجهول ولقد كنت في مقدمة الكوكبة نظرا لشدة فضولي وحب
الاستكشاف حتى وصلنا إلى جانب الجبل وإذا
بشئ غريب امامنا وه(سفينتين أي 2فلوكات موجودة داخل الكارتون +15 بدو من لصانص من حجم 30لتر+محركين ) إنها الكارثة الكبرى التي لا
يتصورها احد .ثم أمر الباترون الصغار من بالتقدم إلى الأمام بينما الكبار بحمل هذه
الأغراض الثقيلة وذلك في جو مظلم ثم
توزعنا على حملها بحيث اخدت حقبتي و ساعدت أنا أصاحب السفينة الأولى وكان جسمي
ضعيفا ونحيف بسبب كل ما تعرضنا له في الشاحنة ,وكنا نتحرك ببطء لضيق الطريق
والظلام الدامس ووجود الأشجار بينما قطعوا
الصغار شوط من أشواط من الرحلة في راحة تامة وبعد مسيرة نصف ساعة وجدناهم في مكان
مستوي ينتظرننا ولما وصلنا استرحنا قليلا حتى يصل الجميع ,ثم شربت وأكلت قليلا مع
احد أصدقائي الذي فقد كل شئ في الشاحنة ثم
استئنافنا الرحلة من جديد وكان احد
المسيرين هو رجل ذو بنية قوية يمسك في يده
عصا كبيرة وسيفين طولين وبندقية كان ينزع منا حقائبنا رغما عنى ويعطيها
لأحد الحراڭة الصغار لتعرفه ثم يقوم هذا
الأخير بحمله حتى يتعبه ثم يضيعه في احد
الخنادق وهاوية وعندما تسأل من
أخدها لا تجده وفي المرحلة الثانية
الشاقة استرحت فيها وتميزت بوعرة المسالك
وضيقها وبصعود الجبل وجود الأشجار والأشواك المتنوعة في الطريق وجانبها
إضافة إلى الظالم الذي يشكل العائق الكبير والخطير كما ان المسيرين يمنعننا من شعل الأضواء وذلك من ليكشف احد أمرنا
وتقدمنا كثيرا في صعود الجبل الشاق بحيث استرحنا في مكان حتى يصل الآخرون اللذين
حملوا كل الأغراض ثم استمرت المغامرة من جديد في صعود الجبل بحيث كان نصبي في
المرحلة حمل البيدو من لصانص وكان يتقطر
علي كان بللت قمصي وأصبحت رائحة لصانص تفوح مني وكانت هذه أخطر مرحلة بالنسبة لي
لكن ابن خالتي ساعدني فيها إذ حمل حقبتي ولما وصلت أخيرا الى قمة الجبل وكان ذلك
في الثانية و45 دقيقة صباحا وسمعت صوت البحر اذ امواج ترتطم بالصخور وبدأت ارتجف
خوفا ثم حاولت ان اتكد ان كل اصدقائي على
خير ثم تجمعنا في مكان في لكي نستعد لأخير
صحور في رمضان الأبرك وأظنه اليوم الأخير في حياتي لكن أمنت بالقدر خير وشره رغم
أنني أعرف أن مصيري الهلاك و الموت ثم حاولت أن أطمئن على أصدقائي و أكدت لهم أننا سنكون على خير
وعلى خير، ولكن لم تمر برهة حتى سمعنا بخبر أن أحد زملائنا قد رمى بأحد الألواح
الخشبية الضرورية لتثبيت "الفلوكة" ولقد أمرنا مجيد الباطرون بأحضارها
قبل فوات الأوان ونزلت مجموعة للبحث عنها وبعد بحث مطول لم يجد شيئا وهذا ما أشعل
نار السب والشتم بين مجيد وأحد المسئولين عن هذه المجموعة إذ وصل بهم الحال إلى
التهديد بالقتل و أشار كل واحد منهم السلاح المكون من بندقية و سيف طويل، ونحج
مجيد في بطرده و أصبح يهددنا نحن بإحراق كل شيء وأمر المجموعة التي حملت هذه
الألواح في اللحظة الاخيرة بالبحث عنها، لكن بحثهم لم يسفر عن أي نتيجة.
ولكن بعد اعادة البحث والنظر اتضح أنه لم يقع أي
شيء سوى سوء الفهم فقط، ولقد كان هذا المشكل فال خيرا علينا، إذ بدا النور والضياء
يعم المكان و أصبح نرى الطريق بوضوح بعد ظلام دامس، وبعد الانتهاء من كل هذا أمرنا
بالتحرك ونزول جبال صعب الإختراق وذلك بسبب الانحدار ووعرة المساليك وضيقها
ولنزلنها في ذلك الظلام لوقعت كوارث و مشاكل ولكن الحمد لله نزلنها بمشقة وصبر
كبير وكنت انا في المجموعة الأولى وأخدت في تلك المرحلة لوحة صغيرة، وننزلق في
الطريق شيئا فشيئا حتى وصلنا قهر الواد على الساعة 8صباحا و15 دقيقة، ولم يقع أي
مشكل وبقينا ننتظر وصول كل المجموعة الذين تعرضوا لمخاطر الإنزلاق وثقل المحركين
و"الفلوكتين"، وكذا البنزين، ولقد أسترحنا قليلا ريثما يلتحق الجميع،
وبعد وصولهم أبعدنا كل شىء عن البحر لان السلطات البحرية المغربية تقوم بدوريات في
المنطقة، وذلك لإبعاد كل الشكوك و الاخطار عن وجودنا، وبعد أسترحة قصيرة امرنا
بإعداد مكان لتركيب و تهيئ الفلوكتين وشرعنا في إزالة الزجاج و الأشواك والأحجار،
وبعد تركيببها و نفخها و أصبحت جاهزة ، وبعد ذلك أخبارنا صاحب مجيد بوضع الأسلحة
البيضاء، والنقود والساعات وإغلاق الهاتف النقال، والإستعداد للسفر في البحر،
وبالتالي قمت بوضع هاتفي وما تبقى لي من مال في نفختين وذلك لحمايتها من الماء
والتلف، وفي أخير لحظة، أخدت شيئا لأكله بعد أن ترددت عدة مرات وكان اخير أيام
رمضان في يوم الجمعة 13 أكتوبر 2007 ،على الساعة 10 صباحا وبعد الإستعداد التام و
التاكد من حالة البحر التي كانت هادئة و مستقرة، قدم البطرون مبلغا من المال
وأعطاه للسائقين و دعا معنا بالوصول في امان و في حفظ الله وقد إليهم بعض النصائح
والإرشادات، وأمدهم بجهازالبوصلة وذلك لتحديد الجهات، وأخدنا تلك القوارب إلى
البحر وكون لها حواجز وجدار لكي لا تخدشها الصخور والأشواك المحيطة بالمكان ونجحنا
في إيصالها إلى الماء وعدنا لأخد البنزين، وحقائبنا وبعد أتمام العدة قسمنا إلى
مجموعتين وكل مجموعة تتكون من 45 فرد وكنت أنا و أبن خالتي و عمر صديقي في مجموعة
الكبار، وبعد ذلك قمت بوضع أغراضي في بلاستيك متخصصة حمايتها من الماء وبعد تردد
في الذهاب إن تلك اللحظة بالنسبة لي هي الخطيرة جدا غنها بين الحياة والموت ولكن
لم أتردد وقمت بتشجيع أصدقائي و بدا البعض يبكي لانه لأول مرة يرى البحر وانه لا
يعرف ماذا سيقع بعد ساعات من تلك اللحظة و اخدت نحن في تلك المجموعة نجهز القارب و
ذلك بتركيب المحرك و تجربته ونجحنا في ذلك و قنا بإدخالها إلى الماء وكنت أن من
يمسك مقدمة القارب، و الماء يصل عنقي ووضعنا فيها أغرضنا و7 بيدوات من البزين، مما
أتقل المركب من الخلف وإذا بموحة ترفعني أنا و مقدمة المركب إلى السماء وتقطني في
الماء لككني تمسكت بها و أصبح جسمة مغمرا بالماء وشرب القليل منه، وفي تلك اللحظة
سمعت صوت كما ان المركب قسم إلى نصفين ولكن لم يقع أي شىء ، و اخدنا في الإستعداد
نركب مثنى مثنى ذلك نحجت مجموعتنا في الإستعداد التام لرحيل وذلك على الساعة 11
صباحا، ووقع مشكل في المركب الثاني، إذ أنه غمرته المياه بعد أن قفزه إليه مجموعة
الصغار وذلك نصفه في الماء ونصفه في الرمل وذلك الماء إلى المحرك، وإضطررنا إلى
العودة إلى الخارج بعد ان كون في المركب على الماء، وخرجنا كل شيء من جديد من
المنطقة ولم تمر برهة قصيرة وإذا بمركب كبير يمر في المنطقة إنه مركب حراس السواحل
المغربية.
وقمت انا في تلك اللحظة بأخذ حقائب أصدقائي كل من
عمر و عثمان... وشرعنا في طلوع ذلك الوادي حتى نصلح المحرك وحتى تتحسن الأجواء
البحر الذي بدا يهيج شيئا فشيئا، وشرعنا بسرعة فائقة في تنقية المكان من
المخلفات" البلاستيك + الحقائب+ والقنينات...و قمنا بتغطية ذلك المركبين
بملابسنا التي تبللت كلها بالماء والبعض منا استظل بالاشجار المحيطة بالمكان وكان
الجو يتبدل كل ساعة ما بين حرارة مفرطة وتساقطات مطرية إضافة إلى رياح قوية مما
يشير إلى هيجان البحر الذي نسمح امواج ترتطم بالحافة والصخور في الكبيرة على جانب
الشاطئ وقمت أنا بنشر ملابسي لكي تجف قليلا وشرعنا في الحديث عن ماذا سيحدث عندما
نغادر بهذا المركب هل سننجو ام ستموت في ضل هذه الأجواء المحيرة و والمخيفة ونتحدث
عن فرصة بلوغنا أرض الأندلس أو إسبانيا أم أننا سنكون وجبة رائعة وادسمة للقروش
والدلافين والأسماك الصغيرة، وبدا البعض منا يبكي لانه ندم لقدومه لهذه المغامرة
الخطيرة والشاقة وبداو يطرحون مجموعة من الأسئلة المحيرة والتي لا نملك لها أجوبة
مقنعو ولا افتراضية في ذلك الوقت، والبعض يتردد عن الذهاب والرجوع بحيث قال بعض
الاصدقاء أفضل العودة إلى تمازيرت والعمل فيها بما قسمي الله ولا ان أذهب في رحلة
ومغامرة لا اعرف نهايتها إما الموت أو الوصول إلى إسبانيا وحقيقة لن تعرف أحساسي
في تلك اللحظة حتى تجبرها لقد تمنينا ان تأخدنا في ذلك المكان لا أن نموت في البحر
وبكل صراحة اتمنى أن تعيش مثل هذه التجربة لكي تعرفوا كل صغيرة وكبيرة التي عيشنها
في تلك الايام... ولقد شرع احد أصدقائي إبراهيم الذي جرب مرحلة الحريك أكثر من 3
مرات والذي وصل إسبانيا وأرجعته السلطات الإسبانية بمطار مدريد إلى طنجة، يشرح لنا
كيف نتعامل مع الوضعية في البحر بكل صبر وقوة ويطمئن الأصدقاء أننا سنصل بكل أمان
ماعلينا سوى الإتحاد والتضامن ما بينا ...
وبسبب التعب الشديد المتنوع الذي تعرضنا له في
الطريق سواء التعب الجسدي والنفسي والسكولوجي أخدنا بعضنا في اخد قيلولة وشرع
البعض في الحديث عن ماذا يفعل إذا وصلنا إسبانيا. وفي ذلك الوقت قمت بتركيب بطاقة mouvistar الإسبانية وقمت بالإتصال
بخال عمي الذي سياخدني إن وصل بامان إلى إسبانيا و اخبرني لكي اتحلى بالقوة والصبر
لأنه حتى هو مر بنفس المرحلة ...وقينا ننتظر الإشارة المغادرة وبدات الامطار تهطل
شيئا فشيئا وساءت أحوال الطقس وقال الباطرون مجيد أننا سننظر حتى تسمح لنا الفرصة
والمغادرة. ودعا لنا بالصبر حتى يكون البحر هادئا وبالمفاجئ توقف المطر شيئا وبدأت
حالة البحر تتحسن قليلا ولم نعد نسمع أمواجه السغبة والمخيفة وكان الساعة تشير إلى
الرابعة مساءا... ولقد تمكن السائق من إصلاح المحرك الذي تعطل في الصباح، وتجمعنا مرة
ثانية؛ بعد أن سمعنا خبر إن البحر كان هدئا وكل الظروف ملائمة للإبحار من جديد
وقمنا بالاستعداد بكل ما فيه الكفاية من عتاد ونفسي وتقسيم المجموعة إلى قسمين،
بين مجموعة الكبار والصغار ومن جديد كنت مع الكبار وكنا في المجموع 90 فردا من
الجنوب الشرقي أو المغرب العميق وكانت مجموعتنا ب 45 فردا...
وقمنا بإنزال المركبين إلى الشاطئ مع البنزين
وكان الساعة الخامسة ونصف مساءا وبدا الظلام يعم المكان حتى انك لا تستطيع أن
تتعرف على أصدقائك وقمنا بتغير التكتيك وساعدنا مجموعة الصغار وذبك بتجهيز القارب
المطاطي ذو 6 أمتار ونصف وبدا عملية الصعود والركوب مثنى مثنى... وكان التجربة
ناجحة بحيث انطلقوا في البحر وبقيت أعيننا عليهم حتى إختفوا وراء الظلام و الضباب،
وبدورنا قمنا بنفس العملية وصعدنا كلنا بدوم مشاكل إلى المركب والمحرك يعمل جيدا
والمركب في توازن تام وبدا الباطرون بالدعاء لنا بالوصول بكل أمان و أدى مبلغا من
المال للسائق، وإنطلقنا بدورنا نحو المجهول، وفي تلك اللحظة أفطر بعض الزملاء الذين صاموا في
ذلك اليوم الرهيب الجمعة 13 أكتوبر 2007، وبدا نوع من الحرب والإرهاب النفسي يعم
المكان وبعض الاصدقاء يرتلون بعض أيات من القرآن الكريم "بسم الله
نركبها" ومجرها ومرسها" سبحان الذي سخر لنا هذا وكنا له مقرننين و غنا
إلى ربنا لمنقلبون" ... وبكل صدق و آمان ضننت أنه هذا الليل سيكون أخر ليل في
حياتي، وبدا البعض منا يبكي وبالبعض منا لا يبالي بذلك بحكم التجربة والخبرة
والبعض الأخر أغمي عليه بسبب الإرهاق النفسي والجسدي وكنت ان في الأمام وتمسكت
بحمل القارب أنا وعمر وصراحة أعجبت بصبر صديقي الذي يكتشف البحر لاول مرة و عثمان
أيضا و أخد السائق يتحدث إلينا اننا سنكون بخير وأمرنا بالصبر والهدوء والالتزام
وعدم مغادرة المكان حفاظا على توازن المركب وتجنب الصراعات والمشحنات بين الطرفين،
لانه أي خطا أو مشكل سيأدي بنا إلى الغرق
و الموت، ولقد شاهدت عند أحد مرافقنا لبس سترة النجاة لونها أصفر وتذكرت قصة في تلك
اللحظة بالذاة قالها لي صديقي الشعيبي احد الأيام في ثانوية مولاي عبد الله بن
حساين، إن هذه في مرح وضحك لكنها درس وحقيقة في تلك اللحظة لن أنساها أبدا والقصة
هي كالتالي: "كنا يوما نتحدث عن الحريك فقال لي هل تعرف يا محمد ان في أحد
الايام ذهب مجموعة من الأفراد إلى الحريك نحو إسبانيا ولما وصلوا إلى منتصف الطريق
وقع مشكل في قارب هؤلاء بحيث أنه بدا المركب يغرق شيئا فشيئا، فقز الذي كانت بحوزته سترة النجاة إلى الماء أولا ولم
يغرق لأن بذلته ساعده بالبقاء فوق الماء ولما شاهده أصحابه المهددون بالموت قفزوا
إليه وتمسكوا به وببذلته ونزلوا به إلى الماء وكان أول الضحايا بالغرق وكان الوجبة
الاولى للقرش"
ولقد تذكرت تلك القصة وخفت أن
تنطبق علينا وشرعت في البكاء والصراخ
الشديد بذل ما كنت أفعل في الموسسة انذاك بالضحك والصخرية ومن هنا يجب اخد
العبرة من بعض القصص العادية التي تكون درسا من دروس الحياة، وحلت نوع من الهستريا
والرعب بين المجموعة خاصة و أن المطر يغزر بكثافة وبدا البحر يهيج مرة ثانية وفي
ظلام دامس لم نعد نرى جبال الريف الشاهقة ولم تمر لحظة حتى إلتحقنا بالمركب الثاني
الذي تعمه الفوضى والضجيج والبكاء والإغماءة الكثيرة وشرعنا في تغطية انفسنا و
المركب بمنشور كبير من البلاسيط وذلك لكي
لا تتسرب المياه إلى المركب سواء من المطر والبحر وكانت الامواج تعلو بنا في
السماء ونزل بنا داخل البحر وهنا بدا البعض منا يلفظ بالشهادتين إي أننا سنغرق لا
مفر من الموت ولقد كنت ندعو بالله بكل قوة أن يأتينا بالفرج قبل الغرق ... وشرع
احد اصدقائي بإفراغ المركب من الماء الذي سرب إليه واستمر حالة الرهب والفزع
الرهيبين في مركبنا وما بالك بمركب الاخر الذي يركب في صغار لا يتجاوز أعمارهم ما
بين 10 إلى 14 سنة وتحسرت حينما أغمي على احد أصدقائي ولما إستافقى من الغيبوبة
بدا ينادي ب ماما ماما أي أمي أمي ولقد تعرضت لصدمة قوية حين شهدت تلك اللقطة
وسعدنا قليلا وغطيناه لكي لا يتعرض للبرد الشديد وبدأنا نتجمد بالبرد القارس إضافة
إلى العوامل السابقة الذكر والأمواج ترفع المركب او القارب أكثر من مترين في
السماء ونسقط حتى نقول أن المركب تقسموه الأمواج إلى نصفين واستمرت معاناتنا لعدة
ساعات طويلة لن ننسى ما عشناه من صغيرة وكبيرة في تلك الليلة السوداء، ولحسن حظنا
توفق المطر ولكن البحر بقي هائجا وتعرض لتعب وجوع وعطش وإرهاق رغم أن نملك الماء
الصالح للشرب وما نأكله لكن ما تعرض له لا نفكر في الآكل والشرب مع ليلة العيد
المبارك و كنا في الماء أكثر من 8 ساعات ونصف هذا ما اخبرن به السائق الذي ينظر
دوما إلى بوصلته ويوجه المركب يمينا وشمالا يخترق الأمواج العالية بقارب من المطاط
إنها معجزة وما أدرك من معجزة ولقد تعرض معظم للإغماء أو للنوم في تلك الظروف التي
أتذكرها بكل تفاصيل حينما أضع رأسي فوف الوسادة ولم تمر برهة حتى رأينا أضواء شيء
غريب وبعيد عنا وقال بعضنا إننا نقترب الوصول وذلك الخبر كان مفرحا للجميع بدا
السرور ونوع من الراحة تعم المكان رغم الامواج القاتلة التي ترفعنا إلى السماء حتى
نرى تلك الاضواء وتنزل بنا إلى الأسفل حتى نرى الموت ونعود إلى الحياة وإستمرارنا
في التقدم ولم يبقى لنا سوى 3 من البيدو من البنزين ونفس الشيء للمركب الآخر الذي
في جانبنا على بعد ما بين 20 إلى 30 متر وذلك في ظلام قاتم ودامس وشيئا فشيئا
يقترب منا ذلك الشيء المضيء إن ليس بأضواء مدينة ولا شيء من هذا القبيل، وكان ذلك
الشيء الغريب يلوح بالأضواء في البحر وقال لنا السائق يجب تغية المركب من جديد
بالمنشور البلاستكي بحيث أخبرنا انه خوافر السواحل الإسبانية لذلك يجب ان لا تكشف
أمرنا إذا أردتم الوصول وكان البعض منا يدعوا ويتمنى ان يكشف امرنا قبل ان نغرق و
نصبح عشاءا جاهزا للقروش و الدلافين ولم تمر لحظة قليلة حتى مرت حيتان كبيرة
بجانبنا مما انشر الرعب بيينا والخوف من جديد ولكن السائق اخبر الجميع انهى دلافين
غير معادية للبشر وبدانا نرمي لها الخبز والسرديل وتاكل كل ذلك وتنفض الماء في
السماء كأنها نفورة وعمت الفوضى والرعب من جديد وكان الموت قريبة من جدا ولم ننتبه
كثيرا حتى بدا ذلك الشيء المضيء يطهر بكل تفاصليه إنها سفينة ضخمة وكبيرة تشير بالأضواء
نحونا مما أدى بنا إلى تغطية المركب وإضفاء المحرك لكي لا يرونا، وكانت الامواج
ترفعنا تارة وتزل بنا تارة اخرى وكانت المركب الضخم يقترب من شيئا فشيئا وعرفنا في
تلك اللحظة انه خفر السواحل وليست بإسبانيا التي كنا نحلم ببلوغ ووصول أرضها وبها
قطعنا كل هذه الاميال وتحدينا كل الاخطار البرية والبحرية، ولقد فرح البعض منا لما
شهدوا المركب الضخم يقترب منا وهذا الاخير كان يقوم يرسل الاضواء يمينا وشمالا
وكانت أضوئه تمر فوق مركبنا ولم يستطيع بعد الاصدقاء من الصبر حتى قاموا بإزالة ذلك الستار البلاستكي من المركب، وساروا يصرخون
يطلبون النجدة مما أثر إنتباه المراقبين في المركب ولما أحس السائق بالخطر خرج من
موقعه ودخل وسط الحراكة و اخبارنا ان لا نكشف أمره، و قال لنا بالحرف الواحد إن
أجبركم على كشف إسم السائق قولوا لهم لقد قفز في الماء وتركنا عندما رائكم تقتربون
منا، وفرح البعض منا لان ذلك الطابور
الطويل المشيع بالأضواء اللامعة يقترب منا ، اي ان السماء أتت لنا بالنجاة قبل
وقوع الكارثة او الغرق أو الموت المحتم، وصراحة حتى كنت مع المجموعة التي تتمنى ان
يأتيها الفرج من السماء قبل الهلاك في البحر الهائج والغاضب والحمد لله أتنا الفرح
والبهجة من حيث لا ندري قبل ان نصل ما يعرف بالبوغاز وما ادرك ما البوغاز الذي
نسمعه عنه في التلفاز... ولقد وصلنا ذلك البابور ورفعنا ايدنا في السماء إذ وجهوا
إلينا الاضواء ومسلحين، وولما أقترب منا بدأت الأمواج تجر مركبنا نحوهم و انزلوا
إلينا مركب إغاتة وكانو يتحدثون الإسبانية و من بينهم مغاربة يتقنون الدرجة
المغربية و استغربنا ذلك الامر وبدوا يرفعون مجموعة مجموعة و بدوا بالصغار الذين
أغمي على بعضهم و فقدوا الوعي، وستمرت العملية إلى أخر مجموعة و كنت انا قبل
المجموعة الأخيرة ورفعوا المركبين
المطاطين ما تبقى من البنزين وقدموا لنا أغطية و حليبا ساخنا، و قاموا بالإسعافات
للمصبين و الفاقدين للوعي و انطلقوا بنا نحو المجهول ولم تمر برهة حتى قاموا
بتفتيشنا واحدا تلو الأخر ولم يجدوا وأي
شيء وقاموا باستجواب بعض الأفراد منا ولم تمر ساعتان حتى قدموا لمركب اخر تابع
لخفر السواحل المغربية الذين نعتوا بأقدح الأوصاف وقدموا وهددونا بالسجن إن وجدوا شيئا ممنوعا لدينا وقاموا بدورهم
بتفتيش بعضنا لكن محاولته لم تسفر بجديد و لقد تعجبوا كثيرا لما وجدوا أننا كلنا
ننحذر من المغرب العميق أي الجنوب الشرقي من تنغير إلى ألنيف...
ولقد تعاملوا معنا بطرقة عنيفة
في البداية لكن بعد تأكدهم من أننا لم نحمل أي شيء خطير، قالوا لنا بأننا سنقدمكم
لوكيل جلالة الملك و شيئا من هذا القبيل لكن بعد مشورات مراطونية بينهم وغذا في
الصباح عيد الفطر وذلك يوم الجمعة 14 أكتوبر 2007 قالوا إن هذه المناسبة عفت عنكم
ولقد أطلقوا سراحنا في وسط جبال عالية شاهقة تكسوها الغابة في ظالم دامس وقاموا
بإفراغ ما تبقى من البنزين و وضعوا المركبين فوق الأرض وتركونا وكانت الساعة تشير
إلى الثالثة صباحا وعوض أن نصل إلى إسبانيا التي كنا فقط نحلم بأن نلمس أرضها ولقد
خابت كل أملينا وطموحنا وتعرض لنكسة مرة أخرى ... وسأدرج التتمة بعض أيام وشكرا.