جزء من ذاكرة رحل أيت عطا بالجنوب الشرقي المغربي.
بقلم الباحث كمال محمد.
الحلقة الأولى:
نسعى اليوم على الانفتاح على موضوع لا يتطرق إليه المهتمين كثيرا وهم الرحل، الذين ننحدر منهم أبا عن جد، وسنحاول أن نتطرق إلى بعض الجوانب المخفية أو غير المعروفة لدى الأجيال الحالية والقادمة، نظرا لقلة أعداد الرحل مع توالي السنوات لعدة أسباب اقتصادية واجتماعية وطبيعية، مما دفع البعضهم منهم إلى التخلي النهائي عن حياة الرعي والانتجاع الشاقة، اذ اهتدى معظمهم إلى الاستقرار النهائي.
دفعتنا عدة أسباب للاهتمام بهذا الموضوع منها، انتماؤنا إلى صلب هؤلاء الرحل كما أشرت أعلاه، لذلك نود أن ندون قد المستطاع هذا التراث المادي واللامادي، لهذه الفئة التي تدخل ضمن المهمشين في التاريخ، رغم أن أصل الحضارة البشرية هو الرحل أي les Nomades ، والعودة للتاريخ القديم، نستشف حضارة النوميدين، وحضارية إزناگن اي الملثمين المعروفين بالمرابطين أول دولة أمازيغية في عهد الإسلام وحدت شمال إفريقيا والأندلس، وقد أسهم الرحل في صناعة تاريخ البشرية عامة وإفريقيا، والمغرب والجنوب بالشرقي بالتحديد، الذي يمتاز بفسيفساء قبلي من آيت سدرات الزناتية، وإمغران المصمودية، وامگون وحلف ايت يفلمان واتحادية ايت عطا الصنهاجيين وغيرهم.
لذلك أوجه نداء الى كل غيور على منطقته وقبيلته أن يهتم بتدوين هذه الذاكرة وتراث هؤلاء الرحل إنه كنز لا يفنى ولا حدود له لمن دخل دروبه وعوالمه المتشعبة.
نستهل هذه الحلقة الأولى بالتعريف ببعض الأدوات التي لا تفارق أمكسا/الراعي صباح مساء، ترافقه إلى مثواه الأخير.
وتتكون هذه الأدوات أساسا من تُوزاَّلْتْ الموس بلغة العصر، وكذلك أَلْدْيْ المعروف بالمقلاع، زد على ذلك تَاغْرٌوشْتْ اي العصا، التي تؤدي العديد من الأدوار، منها يهش بها على الغنم او الماعز، ويتكؤ عليها، وهذه بمثابة رجل ثلاثة خاصة في المرتفعات وقمم الجبال، وتصلح للدفاع عن النفس أيضا سواء ضد بني جلدته او حيوان او يقتل بها ثعبان وغيرها، ونفس الأمر بالنسبة كذلك لأدي السابق الذكر، كما يحتفظ كذلك في تعديلت أو كيس اي حقيبته التي يضعه فيها كسرة خبز او رغيف او أبادير /افدير، ويضع فيها أيضا براد وسكر وشاي، ناهيك عن أدوات أخرى قد تكون ضرورية في وقت من الأوقات بدون سابق إنذار من قبل شْفِي وبرغي، وتِكْمَامِينْ، ونُونَاتْ، إسْگْنِي، تِغْمْدِينْ، وتِيسْمِي وإِفِيلَانْ، أي مقص وإبرة وخيط، ولوقيد اي عوذ الثقاب. وتوغمدين أداة لإزالة الأشواك، الزيزوار.
Inna bu izli
Amksa bu wawal ur ḥlin
Da itnuddum xḍunt isiwiɣ.
- adday d iḥmu ṣaɣṛu d ujmu d Tazarin
- mani kkent isikki kkri d urba n uzaka
- id ad iṣyyf ṣaɣṛu mm igiwac.
- mid imi n yikis bu tadasin
- iqqs ubiba talɣmt ixla fad ulli,
- ikks uzggʷar iwnuguḍ tilzda nns.
Taxamt /iga taxamt nns, txla txamt nns,
تحمل تخامت عدة معاني في الثقافة الأمازيغية ويمكن أن نفهم معناها الأول في إطارها المادي اي الخيمة كما يظهر في الصور اسفله، فهي ذلك المسكن المتنقل المصنوع من شعر الماعز ⵉⵏⵅⴰⴷⵏ ⵏ ⵜⵉⵖⵟⵏ ووبر الإبل ⵜⴰⴷⵓⵟ ⵏ ⵉⵍⵖⵎⴰⵏ، حيث يقطن بداخلها الرحل أثناء اقامتهم في نعج معين سواء في أدرار أو ازغار حسب رحلتي anbdu و تاگرست اي الصيف والشتاء.
فالخيمة تتكون من عدة عناصر أساسية من من قبيل (-tiɛkkazin-aflidjn-tirsal-aḥmmar-) وغيرها من الأمور سنتطرق إليها بتفصيل معمق ضمن إطار المشروع الذي ننكب على إنجازه حول التراث المادي واللامادي لرحل أيت عطا...
كما تطلق تخامت على منوال الصيغ المذكورة أعلاه وغيرها، منها iga taxamt nns بمعنى تزوج، اي أن هناك رجل وإمراة اذ لا يمكن لشخص بمفره أن تكون له خيمة ما عدى اذا كان متزوجا. اذن فالخيمة هي النواة الأساسية للمجتمع.
Txla txamt nns بمعنى تشتت الأسرة اي فيها طلاق وما يرافقها من انهيار علاقة الزواج.
الخيمة رمز للتواضع الحشمة والحرمة.
الخيمة تعني الجود والكرم وإكرام الضيف.
الخيمة هي المحافظة على الجار والجوار التكافل الاجتماعي، التسامح، المساعدة أو تيوزي في الأفراح والأطراح.
الخيمة شكلت فضاء مربط كل الرحل، بداخلها تناقش كل الأمور المتعلقة بقضايا الرعي والسوق والتنقلات الموسمية.
الخيمة جزء هام من التاريخ واطار لحفظ الموروث الثقافي.
إن الحياة والموت فكرتان متعاكستان داخل فضاء الخيمة، فهي المسكن هي المنزل، هي روح عائلة الرحل، نعيش فيها نكبر فيها، نموت فيها، تحت ظلها طلقنا أولى صرخاتنا، وكثير من أهلنا لفظ أنفاسه الأخيرة بداخلها، فهي تسكن وجدننا رغم تبدل الأحوال وتغيرها.