vendredi 7 février 2025

تراث رحل أيت عطا

 جزء من ذاكرة رحل أيت عطا بالجنوب الشرقي المغربي. 

بقلم الباحث كمال محمد. 

الحلقة الأولى:

نسعى اليوم على الانفتاح على موضوع لا يتطرق إليه المهتمين كثيرا وهم الرحل، الذين ننحدر منهم أبا عن جد، وسنحاول أن نتطرق إلى بعض  الجوانب المخفية أو غير المعروفة لدى الأجيال الحالية والقادمة، نظرا لقلة أعداد الرحل مع توالي السنوات لعدة أسباب اقتصادية واجتماعية وطبيعية، مما دفع البعضهم منهم إلى التخلي النهائي عن حياة الرعي والانتجاع الشاقة، اذ اهتدى معظمهم إلى الاستقرار النهائي. 

دفعتنا عدة أسباب للاهتمام بهذا الموضوع منها، انتماؤنا إلى صلب هؤلاء الرحل كما أشرت أعلاه، لذلك نود أن ندون قد المستطاع هذا التراث المادي واللامادي، لهذه الفئة التي تدخل ضمن المهمشين في التاريخ، رغم أن أصل الحضارة البشرية هو الرحل أي les Nomades ، والعودة للتاريخ القديم، نستشف حضارة النوميدين، وحضارية إزناگن اي الملثمين المعروفين بالمرابطين أول دولة أمازيغية في عهد الإسلام وحدت شمال إفريقيا والأندلس، وقد أسهم الرحل في صناعة تاريخ البشرية عامة وإفريقيا، والمغرب والجنوب بالشرقي بالتحديد، الذي يمتاز بفسيفساء قبلي من آيت سدرات الزناتية، وإمغران المصمودية، وامگون وحلف ايت يفلمان واتحادية ايت عطا الصنهاجيين وغيرهم.

لذلك أوجه نداء الى كل غيور على منطقته وقبيلته أن يهتم بتدوين هذه الذاكرة وتراث هؤلاء الرحل إنه كنز لا يفنى ولا حدود له لمن دخل دروبه وعوالمه المتشعبة. 


نستهل هذه الحلقة الأولى بالتعريف ببعض الأدوات التي لا تفارق أمكسا/الراعي صباح مساء، ترافقه إلى مثواه الأخير. 

وتتكون هذه الأدوات أساسا من تُوزاَّلْتْ الموس بلغة العصر، وكذلك أَلْدْيْ المعروف بالمقلاع، زد على ذلك تَاغْرٌوشْتْ اي العصا، التي تؤدي العديد من الأدوار، منها يهش بها على الغنم او الماعز، ويتكؤ عليها، وهذه بمثابة رجل ثلاثة خاصة في المرتفعات وقمم الجبال، وتصلح  للدفاع عن النفس أيضا سواء ضد بني جلدته او حيوان او يقتل بها ثعبان وغيرها، ونفس الأمر بالنسبة كذلك لأدي السابق الذكر، كما يحتفظ كذلك في تعديلت أو كيس اي حقيبته التي يضعه فيها كسرة خبز او رغيف او أبادير /افدير، ويضع فيها أيضا براد وسكر وشاي، ناهيك عن أدوات أخرى قد تكون ضرورية في وقت من الأوقات بدون سابق إنذار من قبل شْفِي وبرغي،  وتِكْمَامِينْ، ونُونَاتْ، إسْگْنِي، تِغْمْدِينْ، وتِيسْمِي وإِفِيلَانْ، أي مقص وإبرة وخيط، ولوقيد اي عوذ الثقاب. وتوغمدين أداة لإزالة الأشواك، الزيزوار.

Inna bu izli

Amksa bu wawal ur ḥlin 

Da itnuddum xḍunt isiwiɣ.

- adday d iḥmu ṣaɣṛu d ujmu d Tazarin

- mani kkent isikki kkri d urba n uzaka

- id ad iṣyyf ṣaɣṛu mm igiwac.

- mid imi n yikis bu tadasin

- iqqs ubiba talɣmt ixla fad ulli, 

- ikks uzggʷar iwnuguḍ tilzda nns.

Taxamt /iga taxamt nns, txla txamt nns, 

تحمل تخامت عدة معاني في الثقافة الأمازيغية ويمكن أن نفهم معناها الأول في إطارها المادي اي الخيمة كما يظهر في الصور اسفله، فهي ذلك المسكن المتنقل المصنوع من شعر الماعز ⵉⵏⵅⴰⴷⵏ ⵏ ⵜⵉⵖⵟⵏ ووبر الإبل ⵜⴰⴷⵓⵟ ⵏ ⵉⵍⵖⵎⴰⵏ، حيث يقطن بداخلها الرحل أثناء اقامتهم في نعج معين سواء في أدرار أو ازغار حسب رحلتي anbdu و تاگرست اي الصيف والشتاء.

فالخيمة تتكون من عدة عناصر أساسية من من قبيل (-tiɛkkazin-aflidjn-tirsal-aḥmmar-) وغيرها من الأمور سنتطرق إليها بتفصيل معمق ضمن إطار المشروع الذي ننكب على إنجازه حول التراث المادي واللامادي لرحل أيت عطا...

كما تطلق تخامت على منوال الصيغ المذكورة أعلاه وغيرها، منها iga taxamt nns بمعنى تزوج، اي أن هناك رجل وإمراة اذ لا يمكن لشخص بمفره أن تكون له خيمة ما عدى اذا كان متزوجا. اذن فالخيمة هي النواة الأساسية للمجتمع.

Txla txamt nns بمعنى تشتت الأسرة اي فيها طلاق وما يرافقها من انهيار علاقة الزواج.

الخيمة رمز للتواضع الحشمة والحرمة.

الخيمة تعني الجود والكرم وإكرام الضيف.

الخيمة هي المحافظة على الجار والجوار التكافل الاجتماعي، التسامح، المساعدة أو تيوزي في الأفراح والأطراح.

الخيمة شكلت فضاء مربط كل الرحل، بداخلها تناقش كل الأمور المتعلقة بقضايا الرعي والسوق والتنقلات الموسمية.

الخيمة جزء هام من التاريخ واطار لحفظ الموروث الثقافي.

إن الحياة والموت فكرتان متعاكستان داخل فضاء الخيمة، فهي المسكن هي المنزل، هي روح عائلة الرحل، نعيش فيها نكبر فيها، نموت فيها، تحت ظلها طلقنا أولى صرخاتنا، وكثير من أهلنا لفظ أنفاسه الأخيرة بداخلها، فهي تسكن وجدننا رغم تبدل الأحوال وتغيرها.

mercredi 5 février 2025

بيبليوگرافية: اطلالة على أصدرت الباحث كمال محمد

 بيبليوغرافيا ...اطلالة على إصدارات الدكتور الباحث  محمد كمال 


حسن الطاهري


عندما أطلق المالي "" أمادو  أمباتي با "" صرخته الشهيرة : " في أفريقيا "'كلما مات عجوز احترقت مكتبة غير مكتشفة " ، كان يدرك وبحكم موقعه وجهوده مدى فداحة فقدان ما يمتلكه شعب من الشعوب من إرثه الثقافي اللامادي الضارب في القدم و الذي لا يمكن أن تعوض فيه ولو صفحة من صفحاته المملوءة أحداثا و الغنية ثقافة و حضارة.


خوفا من هذا التحذير الخالد، وخوفا من اندثار  تاريخ و هوية و شجاعة  القبائل الأمازيغية في الجنوب الشرقي المغربي، المعروفة منذ القدم لمقاومتها لكل محتل لأراضيها وهويتها، عمل الدكتور محمد كمال الباحث في التاريخ على تدوين وكتابة جزء من هذا الإرث التاريخي المشترك للقبائل الأمازيغية المنتمية لهذه الرقعة الجغرافية، التي مرت بها أحداث كثيرة عبر عنها كثير من المؤرخين في كتاباتهم التاريخية و أكدته الذاكرة الشفهية و اللقى و النقوش الصخرية في هذه المناطق. 

الدكتور محمد كمال من مواليد 1989 بتغزوت نايت عطا إقليم تنغير الحاصل على إجازتين الأولى في التاريخ سنة 2011 و الثانية سنة 2021 في الدراسات الأمازيغية و شهادة الماستر في تاريخ الجنوب الشرقي ثم  الدكتوراه في التاريخ سنة 2021، أصدر تلاثة كتب خاصة بالمعرفة الثقافية و كتاب منهجي حول ببليوغرافية حول جهة درا تافيلالت بالإضافة إلى عدة مقالات علمية تاريخية و مشاركات في مختلف الندوات والمحاضرات في مختلف مناطق المغرب.


ولنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الجهوي للجنوب المغربي، اختار الطالب الباحث محمد كمال النبش في “مقاومة قبائل أيت عطا وأيت يفلمان للاحتلال الفرنسي 1889م-1936م”، مبررا اختياره لهذه الفترة الزمنية بكون سنة 1889 تعتبر سنة الاصطدام الأول للغزاة الفرنسيين وعناصر من أيت خباش المنتمين لقبيلة أيت عطا في التخوم الصحراوية، أما سنة 1936 فقد كانت سنة إخماد شعلة المقاومة بالجنوب الشرقي المغربي المتمثلة في تصفية المقاوم زايد أوحماد في 5 مارس 1936، وكذا لعدم تواجد دراسة شاملة ودقيقة لمسار مقاومة أيت عطا وأيت يفلمان باستثناء دراسة الباحث محمد بوكبوط المعنونة بـ(مقاومة الهوامش الصحراوية للاستعمار)، أما المتبقي فيظل دراسات مونوغرافية لمناطق معينة، وضمنها تذكر مقاومة المنطقة في الفترات المدروسة” حسب ما ذكره في مقال خاص عن هذه الأطروحة.

وخلص فيها إلى تأكيده أن “هذه القبائل لم تكن سائبة ولا فوضوية، وهذا ما يفسره التنظيم الاجتماعي والسياسي الذي اعتمدته هذه القبائل من خلال قوانينها وأعرافها المعروفة بـ(تعقيدين)، وكذلك كل الأجهزة الكبرى التي تسير القبيلة، سواء المستقرين أو الرحل منهم” و إلى أن “ولاء قبائل اتحادية أيت عطا لزاويتين كبيرتين: أحنصال وتامصلوحت، وكان لهاتين الزاويتين دور في تقوية اتحادية أيت عطا واستقرارها في مناطق الأطلس الكبير والمتوسط”، كما أن “الزاوية الدرقاوية أسهمت في تأجيج المقاومة وسط قبائل أيت عطا وأيت يفلمان، بينما أظهرت الزوايا الدينية الأخرى مهادنة لعمليات الغزو الفرنسي”.


استنتج الباحث أيضا أن “للمخزن العلوي دورا فعالا في تأسيس كونفدرالية أيت يفلمان، وذلك لإيقاف زحف أيت عطا نحو مراعي الشمال”، مضيفا أن “الفرنسين باستلائهم على تافيلالت سنة 1932م تمكنوا من اختراق صفوف المقاومة القبلية، وذلك بفصل مقاومي أيت عطا ومقاومي أيت يفلمان، خاصة أيت مرغاد، وبالتالي خلو الجو للفرنسيين لمواجهة كل مقاومة بوحدها”.

واستخلص الباحث كذلك أن “الغزو الفرنسي لمجال أيت عطا أدى إلى خسائر ديموغرافية لم تندمل بعد أثارها، كما أسهم في تدمير مؤسساتهم الاجتماعية والسياسية، التي لم تقو على العودة إلى مهامها السابقة بعد جلاء الفرنسيين، وبالتالي دخلت الاتحادية في تحولات شملت مخلف الأصعدة”، مشيرا إلى أن “الغزاة الفرنسيين ارتكبوا مجاز حربية في صفوف رحل عزل وممتلكاتهم لا لشيء سوى لأنهم رفضوا سلطتهم وسياستهم”.

كما لفت الباحث إلى كون “مقاومة زايد أوحماد وعناصر من أيت خباش إلى غاية 1936م، كذبت ما كانت تروج له سلطات الاحتلال الفرنسية بانتهاء عمليات (التهدئة) سنة 1934″.


 وفي إهداء للدكتور محمد كمال يقول فيه : "إلى روح الذين حملوا السلاح فوق اكتافهم وهي بنادق تثور ضد الغزاة الفرنسيين لكي نحمل نحن اليوم القلم ومشعل العلم والمعرفة .. حمل القلم مجددا و أصدر كتابا عنونه ب""قبيلة أيت خباش  أول من رفع السلاح في وجه المحتل الفرنسي وآخر من وضعه 1882 - 1938 

 وهي دراسة تقف على صفحات مقاومة قبيلة أيت خباش العطاوية المغمورة والتي يجهل عنها المغاربة الشيء الكثير حسب ذات المؤلف، نظرا للتعتيم الذي فرض على المقاومة المسلحة القبلية على مستوى المناهج الدراسية ،وكذا وسائل الاعلام خاصة ..حيث يبين الكاتب  من خلال هذه الدراسة أن هذه القبيلة  حملت مشعل مقاومة القبائل المغربية ضد  التدخل الفرنسي منذ ظهوره بالتخوم الحدودية ،وخاضت معه معارك طويلة امتدت لسنوات تقدر ب 56 سنة من المقاومة من 1882 الى 1938 جدير هو الآخر للقراءة.


وبعد سنوات من البحث و التقصي أعلن الدكتور محمد كمال عن إصدار بيبليوغرافي حول جهة درا تافيلالت بقوله في إحدى مقالاته "" بذرة صغيرة أخذت منا 10 سنوات، تطلبت منا البحث والتنقيب والتحري والتقصي الأسفار والتنقلات والاتصالات، كمن يبحث عن إبرة وسط كومة من القش. نعم ثلث عمرنا ونحن نبحث وسنستمر، لأن مثل هذه المواضيع يتجدد كل يوم.


إنه أمر صعب جدا ومر، لكن بعد أن خرج إلى حيز الوجود فلا معنى لكل تلك الصعاب والمحن والتعب، نرجو أن يكون قيمة مضافة للمنطقة وللباحثين بجهة درا تافيلالت، ولعموم الباحث في ربوع البلد.

 ويعتبر هذا المؤلف  بمثابة دليل و قاعدة من البيانات والمعلومات تهم مواضيع التاريخ، الجغرافية، السوسيولوجية، الآداب، الثقافة بجهة درا تافيلالت و مرجعا لكل باحث في تاريخ هذه المنطقة الزاخرة تاريخا و حضارة.